APP
Last Updated 17/5/2018 3:02
Fri, 29 Mar 2024
Ramadan 19, 1445
Number of Books 10386

العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر بني أمية وملوك الطوائف

العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر بني أمية وملوك الطوائف

العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر بني أمية وملوك الطوائف

أصبحت دراسة العلاقات بمعناها الواسع، سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية، بين دولة وأخرى، لها أهمية كبرى في معرفة قوة الشعوب والأمم، وفي مدى الازدهار أو البوار الذي تتصف به دولة أو أخرى، كما أنها دليل على صلاح أداة الحكم أو فسادها، ومؤشر يضع يدنا على سلامة الخط السياسي ووحدة الجبهة الداخلية أو انقسامها.

وعلى الباحث في هذا الميدان أن يغوص في أعماق المجتمعات وفيها يشكل حياتها من نظم سياسية واقتصادية وغيرها، بل ربما يدرس البيئة الطبيعية والجغرافية، كي يتعرف على طبيعة العلاقات بين الأمم والشعوب ويصل إلى العلل التي تؤدي إلى الغلبة والانتصار أو إلى الهزيمة والدمار ويضع يده على الأسباب التي تؤدي إلى انتصار حضارة أو انحسار أخرى.

من هنا تنبع أهمية دراسة العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية، فهي تضع يدنا على مفاتيح القوة والضعف في هاتين الدولتين وهي في ذلك كالمرآة، نرى فيها مجتمعات شبه الجزيرة على حقيقتها ومدى ما كان فيها من وحدة وتفرق، وفضائل ونقائص، وعدالة أو ظلم وغنى أو فقر ورقي الحياة أو انحطاطها، لأن ذلك كله ينعكس على علاقات دول شبه الجزيرة الإيبيرية مع بعضها البعض، سواء في الميدان السياسي أن في ميدان الحضارة، لا سيما وأن هذه العلاقات مرت بثلاثة عصور مختلفة متمايزة: عصر الإمارة الأموية، وعصر الخلافة الأموية، وعصر ممالك الطوائف. وكل عصر من هذه العصور، له نظمه السياسية ومظاهره الحضارية التي تميزه عن غيره من العصور.

والدراسة التي بين يدينا بين الممالك الإسلامية والنصرانية في إسبانيا ي هذه العصور، ما هي إلا محاولة للوقوف على مظاهر الاحتكاك ونتائجه بين هذه الممالك، سواء كان هذا الاحتكاك سياسياً أم عسكرياً أم حضارياً. وتاريخ الإسلام، في هذه البلاد يظهره ذلك الاحتكاك الذي نشب بينه وبين النصرانية، والذي نسميه عادة بالعلاقات، منذ ظهرت دعوة الإسلام وحتى العصر الحديث. ومن هنا تبرز أهمية دراسة العلاقات بين الإسلام والنصرانية على أرض شبه الجزيرة. إذ كانت تلك الأرض ميداناً رحباً، تصارعت فيه العقيدتان وجهاً لوجه مدة أربعة قرون متصلة، تبادلاً فيها النصر والهزيمة، حتى كتب الفوز في نهايتها للمسلمين بانتصارهم في موقعه الزلاقة عام 479هـ/1086م.

وإذا ما عدنا لمتن هذا البحث نجد أنه قد جاء موزعاً على مقدمة تاريخية وأبواب أربعة. تحدثت المقدمة عن أحوال الأندلس الإسلامية في عصر الولاة (95-138هـ) وعن العوامل التي أدت إلى قيام المقاومة النصرانية، ممثلة في مملكة جليقية واشتريس، وغلى انتهازها فرصة الصراع القبلي في الأندلس الإسلامية، فقامت بالتوسع جنوباً وطردت المسلمين الموجودين في أطراف جليقية، وحازت ما يقرب من ربع شبه الجزيرة، وأصبحت حجر الزاوية للمقاومة النصرانية التي نمت وازدادت فيما يلي ذلك من عصور.

وتحدث الباب الأول، عن العلاقات السياسية بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر أمراء بني أمية (138-316هـ) ووضح سمات هذا العصر، وبين عوامل القوة والضعف التي شكلت العلاقات بين الدولتين في تلك الفترة، سواء كانت تلك العوامل تتعلق بنظم الحكم أم بظروف طبيعية وجغرافية وبشرية، أم بأسباب دينية أو اجتماعية أو اقتصادية. ثم تناول تلك العلاقات، ووضح طبيعتها وأهدافها، وما ثار من معارك وصراع، وما كان من سلام ومصالحة بين هذين الشعبين اللذين يعيشان على أرض واحدة.

وكانت النتيجة أن أمراء بني أمية استطاعوا أن يصدوا هجوم نصارى الإسبان، وأن يوقفوا توسعهم، وأن يردوهم على أعقابهم كلما حاولوا العدوان، واستمرت الحدود ثابتة بينهما، ولم يخسر مسلمو الأندلس شيئاً ذا بال إلا في أواخر عصر الإمارة، حيث ضعفت تلك البلاد، لما أصابها من تشتت وتمزق وحروب أهلية.

وتحدث الباب الثاني عن العلاقات السياسية بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر الخلافة، وكانت القوى السياسية قد أخذت شكلها النهائي في ذلك العصر، وأصبح الشمال النصراني يضم الأقسام السياسية التي عاشت بعد ذلك واستمرت حتى نهاية القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي.

وتطرق الباب الثالث، لموضوع العلاقات السياسية بين ممالك الطوائف وبين ممالك إسبانيا النصرانية، ووضح سمات ذلك العصر، وألقى نظرة عامة على أحوال ممالك الطوائف، وبين ما انتابها من ضعف سياسي واقتصادي، وتناحر عسكري وفساد اجتماعي، وما كان لذلك من أثر على علاقاتها مع إسبانيا النصرانية. كما ألقى نظرة عامة على أحوال نصارى الشمال الإسباني، وبين ما سادهم من وحدة داخلية تحت حكم أسرة آل شانجة الكبير، وما نتج عن ذلك من ازدياد قوتهم وتفوقهم.

وفي الباب الرابع والأخير، تم التوقف عند أهم التأثيرات الحضارية بين الممالك الإسلامية والنصرانية في الأندلس، في عصر بني أمية وملوك الطوائف. وفي هذا الحديث تم تقصي العوامل التي جعلت هذه التأثيرات بين هذين الشعبين المتلاصقين ممكنة وتم إبراز الدوافع والأسباب التي هيأت الفرصة لحدوثها وتفاعلها.

: