APP
آخر تحديث 20/6/2019 1:28
الجمعة, 29 مارس 2024
رمضان 19, 1445
عدد الكتب 10386

أحكام اللعان في ضوء القرآن

أحكام اللعان في ضوء القرآن
  • الناشر: مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدبها
  • سنة النشر: 1428
  • عدد صفحات الكتاب: 36
  • عدد زيارات الكتاب: 4948
  • عدد تحميل الكتاب: 936
  • عدد القراءة: 760

الحمدُ لله وحدَه، والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أمَّا بعدُ:

عالجت الشريعة الإسلاميَّة هذه المعضلة باللعان، وفي المسائل الآتية بيانُ أهمِّ المسائل والأحكام المتعلِّقة باللعان، سائلين اللهَ تعالى الفقهَ في الدِّين والتوفيقَ لصالح القول والعمل.

المسألة الأولى: المراد باللعان: “شهادات مُؤكَّدات بأيمان من الزوجين، مقرونة بلعنٍ من الزوج وغضبٍ من الزوجة”، فإذا قذَف رجل امرأته بالزنا، وأنكرت ذلك، فإن أحضر الزوج بيِّنة على ما ادَّعاه صُدِّقَ في دعواه، والبيِّنة هنا: أربعة شهود يشهَدُون بزناها شهادة صريحة عن مُعايَنة، فإن لم يستطعْ إقامة البيِّنة فله إسقاطُ حدِّ القذف عنه بالملاعنة، فيقولُ الزوج أربع مرَّات: أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه، ويشيرُ إليها، ويزيد في الشهادة الخامسة: إنَّ لعنة الله عليه إنْ كان من الكاذبين، ثم تقول هي أربع مرَّات: أشهد بالله لقد كذب فيما رَماني به الزنا، ثم تقول في الخامسة: وإنَّ غضب الله عليها إنْ كان من الصادقين، وخُصت بالغضب لأنَّ المغضوب عليه هو الذي يعرفُ الحق ويجحدُه.

المسألة الثانية: ثبَت حُكمُ اللعان في القُرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة وأجمعت الأمَّة عليه.

ففي القُرآن الكريم قولُه تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6 – 9].

أمَّا في السُّنَّة النبويَّة فقد وردت أكثر من قصة حصَل فيها اللعان بين الزوجين؛ أخرج الإمام مسلم – رحمه الله تعالى – وغيره عن سعيد بن جبير – رحمه الله تعالى – أنَّه سأل عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – عن المتلاعنين: “أيفرق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم، إنَّ أوَّل مَن سأل عن ذلك فلان بن فلان قال: يا رسول الله، أرأيت أنْ لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنعُ إن تكلَّمَ تكلَّمَ بأمرٍ عظيم، وإن سكَت سكَت على مثل ذلك، قال: فسكت النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فلم يُجِبْهُ، فلمَّا كان بعد ذلك أتاه فقال: إنَّ الذي سألتك عنه قد ابتُلِيتُ به، فأنزل الله – عزَّ وجلَّ – هؤلاء الآيات في سورة النور: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ… ﴾ [النور: 66] فتلاهنَّ عليه ووعظه وذكره وأخبره أنَّ عذاب الدنيا أهون من عَذاب الآخرة، قال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها أنَّ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا والذي بعثك بالحق إنَّه لَكاذبٌ، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنَّه لمن الصادقين، والخامسة أنَّ لعنة الله عليه إنْ كان من الكاذبين، ثم ثنَّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنَّه لمن الكاذبين، والخامسة أنَّ غضب الله عليها إنْ كان من الصادقين، ثم فرق بينهما”.

وفي لفظٍ آخر أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال للمتلاعنين: ((حِسابكما على الله، أحدُكما كاذب، لا سبيل لك عليها))، قال: يا رسول الله، مالي، قال: ((لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استَحللتَ من فرجها، وإنْ كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها)).

وفي لفظٍ آخَر أيضًا قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – لهما: ((الله يعلَمُ أنَّ أحدَكما كاذبٌ، فهل منكما تائبٌ)).

وكلُّ هذه الألفاظ أخرَجَها الإمام مسلمٌ في صحيحه.

فنلحظُ من ذلك مستمعيَّ الأفاضل التطبيقَ النبوي لحكم اللعان، وكيف أنَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – نصَح الزوجين أولاً، وبيَّن لهما أنَّ عذاب الدنيا – وهو إقامة حدِّ القذف في حقِّ الزوج، أو حدِّ الزنا في حق الزوجة – أهون من عذاب الآخرة، كما وعظهما – بعد الملاعنة – وذكَّرَهما بأنَّ أحدهما كاذب بلا شكٍّ، وحثَّهما على التوبة.

المسألة الثالثة: من شروط صحَّة اللعان أن يكون بين زوجين مكلَّفين، وأنْ يقذفها الزوج بزنا، وأن تكذبه الزوجة في ذلك، ويستمر تكذيبها له إلى انقضاء اللعان، وأن يتمَّ بحكم حاكم.

المسألة الرابعة: إذا تَمَّ اللعان مستوفيًا لشروط صحَّته فإنَّه يترتب عليه أحكام

: